Tuesday, October 30, 2012

لماذا لايحب الموظف عمله..!؟





 لا يكاد أن يجلس على مكتبه بعد أن وصله متأخرا كعادته، إلا ويرفع يده لينظر إلى الساعة، ثم يطلق زفرة ساخنة مرددا ( الله يعدي هاليوم على خير..!) ثم ينكب ليلقب الأوراق التي تفترش سطح مكتبه، لايلبث بعد وقت قصير من معاودة النظر للساعة ليكتشف أن بقي على المغادرة وقت طويل..! وليس سرا أن أحب الأيام للموظفين هو يوم (الأربعاء) وأكثرها إزعاجا له هو يوم (السبت)..!
(لماذا لايحب الموظف عمله..!؟) وقبل أن نبحث عن الإجابة أؤكد أن هناك من يهيمون حبا بأعمالهم، بل أن (الدوام) يعتبر عائقا في سعادة الأسرة في مرات.. لكن أولئك يبقون قلة قليلة، والأسباب التي جعلتهم يحبون العمل هي ما وجدوه فيه وافتقده (الكارهون)..!
تخيل – مثلا – أن أستاذا جامعيا يقف أمام طلابه في قاعة المحاضرات ليعدد بإسهاب عيوب ومساوئ جامعته..! وتصور أن مدربا يقف أما متدربيه في كلية تقنية يلومهم ويزجرهم بسبب اختيارهم لهذا المجال..!؟ والأمر لايحتاج للخيال بطبيعة الحال، لأنه موجود ومنتشر، بل أن فئة كبيرة من (الكارهين) يجاهرون بكرههم في كل مكان، حتى أمام مسؤوليهم..!
السبب الأول الذي يؤدي إلى أن يكره الموظف عمله هو أن العمل لايتوافق مع قدرات الموظف، بحيث يجد صعوبة في التأقلم والتكيف مع طبيعة العمل، كأن يكون ضعيفا في مهارات التواصل مع الآخرين ويحتم عليه عمله مقابلة الجمهور، أو أن يكون شخصا يحب الحركة فيجبره عمله على الثبات على كرسيه طيلة ساعات دوامه..!
السبب الثاني والذي ربما يحمل في طياته (علاجا) للسبب الأول لو وجدت إدارة (حريصة) على العلاج..! وهو مايتعلق بجهة العمل نفسها، حيث تهمل جهة العمل منح الموظفين حوافز (إضافية) تكون بمثابة تشجيع وتحفيز للموظف ببذل جهد مضاعف، وقبل ذلك (الاستمتاع) بعمله الذي يؤديه حينما يثق أن هناك من سيقدر جهده وإخلاصه، وتتمثل تلك الحوافز بمكافآت مالية (انتدابات، خارج دوام، مكافآت مقطوعة) أو بترشيحه لدورات وبرامج تدريبية يرفع فيها من قدراته ويستفيد فيها من المخصصات المالية لقاء مشاركته في البرنامج، ويشتد السخط وينخفض الانتماء لأدنى مستوياته عند الموظف حينما (لا تعدل) الإدارة في ترشيح الموظفين، فينال الأقل إنتاجية وخبرة فرصا أكثر من غيره، لأسباب في غالبها شخصية..!! ويكون الألم أكبر حينما تحرم تلك الجهة موظفيها من (حقوقهم) التي كفلها لهم النظام والفرص التي هيأتها لهم الدولة، كفرص الترقي الوظيفي أو إكمال الدراسات العليا للعاملين في التعليم العالي أو مايماثله.. أو حتى التعليم العام. ومهم أن يستشعر المسؤول الأول أو من هم دونه أهمية (الولاء والانتماء الوظيفي) عند موظفيه، فهو إن كان في أعلى مستوياته فسيجني عملا مبدعا ونشاطا منقطع النظير، يعود في المقام الأول والأخير لصالح المستفيدين من إداراته، وإن كان منخفضا فسيؤثر ذلك بلا شك على المستفيدين مما يعطي صورة سلبية وإتلافا لجهود أخرى ربما بذل لأجلها مئات الملايين، فهب أن مديرا نظم حملة إعلامية وإعلانية شاملة كلفته ملايين الريالات، لكنه قصر في منح موظفيه (حقوقهم) أو لم (يعدل) بينهم في مكافآتهم، فإنه سيكون كمن يرمي تلك الملايين بالهواء.. لأن  
المستفيد سيهرب بأقصى سرعته حينما لايجد استقبالا لائقا، بل ربما يجد تعاملا منفرا..!!

بقلم :تركي بن منصور التركي من جريدة الرياض